جمعية الدراسات/ غزّة
استشهد والد الأسيرة المحررة آمال الحلبي بعد تحرره من سجون الاحتلال الصهيوني بيومين، حيث أصيب بتسمم في الدم إثر حقنة أعطاها له السجان عن طريق الخطأ على أنها مسكن للألم، كانت صاعقة الفقد بداية الأحداث التي عاشتها آمال.
وبعد استشهاد والدها بعشر أشهر، تزوجت آمال وبدأت رحلة اعتقالها بدلًا من إنشاء عائلتها الخاصة، حيث وصلها بلاغًا رسمي من سلطات الاحتلال في أول زيارة لها لبيت عائلتها.
ذهبت للاستفسار عن سبب التبليغ، فأصرت أختها للذهاب معها، فور وصولها للمركز الكائن في الشجاعية آنذاك، وذكر اسمها على مسامع الضابط تم القبض عليها في 1/5/1973م.
نقلت من مركز الشجاعية إلى سجن غزّة المركزي، وبدأ التحقيق معها فورًا، لم تجب آمال على الأسئلة التي طرحت عليها فبدأ المحقق بضربها على وجهها ثم تركها في مكان ضيق ومظلم وأغلق عليها الباب دون ضوء أو شيء يدل على الحياة.
كانت الليلة الأولى مليئة بالتفكير حتى جاء جندي يطلب منها الخروج للتحقيق، كان يسحبها بقوة، ولإرهاقها الشديد أصيبت بالدوار فأمسكت بسلالم الدرج، إلا أن الجندي لم يسمح لها بممارسة طبيعتها البشرية حيث أمسك شعرها وأخذ يجرها بطريقة بشعة.
وصلت غرفة التحقيق مع صراخها، ومباشرة اصطدمت بالمحقق المدعو "أبو سالم"، طاولة وثلاثة كراسي، للمحقق ومجندة ولها، بدأت أسلوب المحاولة لانتزاع الاعترافات الرقيق، حيث قال المحقق أن هذا الجندي عصبي وسيعاقبه.
كانت المقايضة أن تعترف ويتركها تخرج، لكنها أخبرته أنها لا تعرف شيء، فبدأ يشتمها وطلب منها الوقوف وحمل الكرسي التي تجلس عليها بيدٍ واحدة ورفع قدمها الأيمن لمدة عشرين دقيقة مع الشتائم، وكلما حاولت خفض يدها قليلًا ركلها بقدمها.
انتهت العشرون دقيقة وعادت الأسئلة ذاتها ولم تجب، فأمسك رأسها وضربه بالطاولة التي كان يجلس عليها، وما زلت لم تعترف، أخذ يركلها بقدميه ويديه في كل مكان من جسمها وبكل قوة، شعرت وقتها من شدة الضرب والتعذيب بالإرهاق وأن جسمها لم يعد يتحمل، فقالت له حتى تستريح قليلًا من هذا العذاب إنها تحمل طفلًا في أحشائها، لكنه قابلها بقوة أكبر قائلًا: " يا ساقطة من أين لك الحمل وأنتي لم تتزوجي إلا منذ شهر"
زادت ركلات المحقق على بطنها، ومن شدّة الضرب سقطت على الأرض تاركة المكان مليء بالدماء.
لم تكن تعرف أن حيلتها حقيقية فعلًا، كان النزيف للجنين الذي في أحشائها، تم تحويلها للمستشفى، ثم لمستشفى أخرى في المجدل لإجهاض الجنين.
انتهت فترة العلاج وعادت إلى الزنزانة الانفرادية دون الاكتراث لوضعها الصحي، واستمر التحقيق معها وتعذيبها كل ساعتين، ومع كل مرة ترفض فيها الاعتراف يزداد التعذيب.
لم يكتفِ الاحتلال بتعذيبها، بل أحضروا زوجها وبدأوا رحلة تعذيبه أمامها للضغط عليها، لكنهم لم ينتزعوا أي اعتراف، ثم جاؤوا بزميلتها التي اعترفت بمساعدتها لنقل السلاح بعد التعذيب الشديد.
كان ذلك صدمتها الكبرى، التي جعلتها تعترف بعد أن أمسك أبو يونس التحقيق، كان يضربها بقوة كبيرة، بعد الاعتراف حكم عليها بثلاث سنوات
نقلت إلى السجن لتشارك زميلاتها في السجن بحزنهن وفرحهن والعمل على التطريز والنحت على الحائط وترديد الأناشيد الوطنية والشعبية.
كانت حياة السجن قاسية جدًا، مليئة بالتعذيب والمرض، حتى جاء يوم الحرية، كانت جالسة مع زميلاتها في الغرفة عندما جاءت مجندة ونادت باسمها، بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا لتخبرها بحريتها، خرجت رغم تأخر الوقت، وجدت سائقًا كان يمر أمام باب السجن، فأخذه إلى بيتها لتفاجئ الجميع بخروجها.